الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الإرهاب: بعد حرب الدم.. حرب الإعلام

نشر في  01 أفريل 2015  (15:10)

قد لا يختلف اثنان في أن العناصر الارهابية انتقلت مؤخرا الى مرحلة استقطاب الشباب عبر وسائل الاتصال الحديثة كالفيسبوك وتويتر ويوتيوب وإنستاغرام وغيرها، حيث تذكر التقارير أن 80 % من الذين انتسبوا الى تنظيم داعش تم تجنيدهم عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
وتوفّر مواقع التواصل لهذه التنظيمات روافد إعلامية للدعاية لأنشطتها وأفكارها، وتساعدها خاصة في حربها النفسية ضد خصومها.
وهناك عدة أهداف رئيسية للجماعات الإرهابية من توظيف وسائل التواصل، أولها التنسيق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة باستعمال «التويتر»، ثانيها تجنيد أتباع جدد ونشر الأفكار والمعتقدات ويعتبر «فايسبوك» من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي استخداما في تجنيد المتطرفين.
وكذلك نجحت المنظمات الارهابية في استغلال اليوتيوب ومن بين أنشط الجماعات في هذا الصدد تنظيم داعش، من خلال قيامه بنشر الصور والفيديوهات كإحراق الطيار الاردني معاذ الكساسبة ونحر الرهينتين اليابانيتين والمراسلين الغربيين وموظفي الاغاثة ونحر المصريين الاقباط وغيرها 
وقد ذكر تقرير حديث لقناة السي إن إن الاخبارية ان داعش تنشر أو تعيد نشر ما يزيد على 90 ألف مادة إعلامية ودعائية يوميا في وسائل التواصل بغرض التواصل والتجنيد والدعاية والحشد.
وفي تونس تعتمد كتيبة عقبة ابن نافع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، لنشر رسائلها على جناحها الاعلامي وهو بوابة افريقية للإعلام، الذي بات يطالعنا منذ مدة برسائل تسرد تفاصيل العمليات الارهابية حتى قبل وقوعها وتتوعد بالقصاص وغيرها من المضامين الارهابية ..
حول ما ينشره هذا الموقع وتداعياته، وامكانية تأثيره على المتلقى اتصلنا بمجموعة من الاعلاميين وبدكتور في علم النفس فكانت هذه اجاباتهم .

الاعلامي هادي يحمد:  بوابة افريقية للاعلام صفحة رعوانية وذات مضمون هزيل

بين الاعلامي والكاتب هادي يحمد أنه لم يثبت الى حدّ الآن أن بوابة افريقية للاعلام أوالناطقين باسمها على ارتباط بكتيبة عقبة ابن نافع أو أنها الصفحة الرسمية للتنظيم والتي تعبر صراحة عن موقفه، مشيرا الى أنه يعتبر هذه الصفحة رعوانية يشرف عليها مجموعة من المبتدئين أو المتعاطفين مع المسلحين، وهو ما يبينه الابتذال المعتمد لبيانات القاعدة والتنظيمات المسلحة، حيث ذكر أن ما يصدر عن تنظيم القاعدة أكثر بناء وتماسكا ولا يمكن أن ينطبق ما يصدر عن بوابة افريقية للاعلام مع ما تصدره القاعدة.
من جهة أخرى بين هادي يحمد أن ما تصدره بوابة افريقية للاعلام لا يمكن أن يمثل حربا نفسية لأن المشرفين عليها لا يمتلكون منافذ عديدة أو واجهات تمكنهم من ترويج انتاجاتهم الفكرية وعملياتهم . مضيفا أن هذه الصفحة ضعيفة المستوى ولا ترتقي الى المستوى الذي يستعمله داعش على سبيل المثال، وقال محدثنا انه من الوارد جدا ان يكون المشرفون هم عبارة عن متعاطفين مع هذه الكتيبة ومع العمل المسلح لا غير، وهو ما يجعل ما ينشرونه ليس ذا أهمية أو تأثير كبير.
وختم بقوله ان ما ينشر في بوابة افريقية للاعلام لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤثر على المتلقي والرأي العام التونسي .

الاعلامي صادق الحمامي: تنظيمات ماضوية بتكنولوجيات متطورة

وذكر الاعلامي والأستاذ الصادق الحمامي أن الحركات الارهابية الجديدة لها قدرات عالية على استخدام الميديا الجديدة بشكل عام والميديا الاجتماعية بشكل خاص، مبينا أن هذه الاستخدمات ليست عفوية ولم تتشكل صدفة، حيث تعتمد التنظيمات الارهابية وسائل الاتصال الحديثة بهدف التغيير واستقطاب المقاتلين .
وذكر الحمامي أن كتيبة عقبة ابن نافع ومن خلال بوابة افريقية للاعلام تعتمد على تقنية «أسلوب السرد» أو القصة حيث عمدت اثر عملية باردو الارهابية الى سرد تفاصيل الواقعة وهو نفس الأمر بالنسبة الى عملية قفصة، ويتمثل هذا الأسلوب حسب محدثنا في تسويق قضية معينة بواسطة سرد قصة وهي احدى تقنيات التسويق المعتمدة في عالم السياسة والتجارة والهدف من هذا الاسلوب هو التأثير على القارئ وادماجه في القصة بهدف كسب تعاطفه، وعبر الحمامي عن استغرابه من القدرة العالية التي يمتلكها الناشر في سرد الأحداث .
وأكد وجود مفارقة عجيبة بين تنظيمات ماضوية لكن في نفس الوقت توظف تقنيات حديثة للتسويق لايديولوجياتها.
ومن بين الحلول التي اقترحها محدثنا لوقف الحرب النفسية والاعلامية التي تعتمدها كتيبة عقبة ابن نافع رصد المضامين حيث أنشأت فرنسا على سبيل المثال وحدة رصد المضامين الارهابية في وسائل الاعلام الحديثة، اضافة الى ضرورة السعي نحو اغلاق هذه المواقع والغاء كل العناوين من محركات البحث، كما دعا الحمامي كل الحكومات الى التعامل مع شركات الانترنات .

الاعلامي باسم السندي: حرب نفسية واضحة الخطط والاهداف

أكد الاعلامي باسم السندي أن هذه العناصر أصبحت قادرة على نقل المعركة من الجبال والمناطق الوعرة الى شبكات التواصل الاجتماعي  والرقمي نتيجة انفتاحها على عناصر مستجدة ومتكونة في مجالات الاعلامية والاتصال وتتقن فنون الحرب النفسية واللعب بالمفردات والكلمات.
وأضاف السندي أن هذه الجماعات والعناصر الارهابية أصبحت تمتلك مواقع الكترونية وصفحات تستعملها لنشر خطاباتها وبث سمومها ودعاياتها وأحيانا أكاذيبها بهدف النيل من وحدة أمننا وشعبنا وادخال الشك في نفوس الجميع وهذا لا يعدو أن يكون سوى حرب نفسية واضحة الخطط والاهداف على حدّ تعبيره، مشيرا الى أن هذه الطريقة خلقت مناخا من الشك والتوتر وانعدام الثقة من شأنه أن يساعد هذه الجماعات على انتداب عناصر مستجدة تأثرت بما روجته هذه الجماعات لنفسها من نجاحات وهمية وبما رسمته لذاتها من صور تظهرها في موقع قوة وفي شاكلة الطرف الذي يبادر في الحرب والقادر على حسمها.
 وبين محدثنا أن هذه العناصر باتت تعي جيدا أن الفضاءات التقليدية للتواصل كالجوامع والاماكن العامة لم تعد بذلك المكان الامان نتيجة تشديد المراقبة من قبل السلطات الأمنية لذلك سعت الى ايجاد فضاءات افتراضية كبدائل لتلك الأماكن والأخطر من ذلك أنها قد طورت من قدراتها سريعا في هذا المجال وأضحت مواقعها محينة وعملياتها موثقة بطريقة حرفية ومتطورة.

الدكتور حاتم عشاش: هذه أساليب استدراج الارهابيين..

أكد الدكتور حاتم عشاش طبيب اختصاصي في الأمراض النفسية أن الارهابيين يشنون حربا على الانسانية قاطبة، مبينا أن تونس ليست الا احد ميادين الحرب، واختيارها ليس اعتباطيا، بل خضع لعديد المعطيات السياسية والجيو- استراتيجية وغيرها.
وذكر الدكتور حاتم ان الارهاب استوطن بربوعنا منذ ما يقارب الثلاثين عاما. ومن أول ما ارتكبه الارهابيون حادثة «شلاط سوسة» الذي عبث بالنساء اللاتي لا يرتدين الخمار، ثم تلته بعد ذلك عمليات ارهابية منظمة..
وافادنا ان الارهاب أخذ بعدا اكثر تنظيما منذ ارتقاء النهضة ومن تبعها الى سدة الحكم. ويبرز هذا التنظم والتنظيم على عديد المستويات،  فالمستوى الميداني «الحربي» ليس الا احد جوانب الارهاب. ومن أهم الجوانب التي نظمها الارهابيون واتقنوها هي البعد النفسي ويتجلى هذا حسب ما جاء على لسان محدثنا على محورين:
- المحور الأول نفسية الارهابي تكوينا (الاعداد النفسي) ثم المحافظة على معنويات مرتفعة للارهابي
- المحور الثاني بث الرعب لدى الناس وتحطيم معنويات الذين يقاومون الارهاب
اما في ما يخص المحور الاول والمتعلق بتكوين نفسية الارهابي فقال: «لقد كثر الحديث عن كيفية تجنيد الارهابيين. وقد برزت العديد من التحليلات في هذا المجال. وقد تبين أن الارهابيين يقع استقطاب بعضهم من الذين لهم هشاشة سواء اجتماعية و اقتصادية (فقر وتهميش وبطالة)، أو نفسية (سن المراهقة ومباشرة ما ما بعدها، او اضطرابات نفسية بسيطة مثل الخجل أو الميل الى العزلة)».
وافادنا الدكتور عشاش أن تكوين الارهابي يكون عبر عزله عزلا تاما عن محيطه برمته (عائلة، اصدقاء، دراسة)، اضافة الى تحطيم كل الثوابت الفكرية والدفاعات النفسية حتى تنهار كل هذه الدفاعات ويصبح المنتدب أداة طيعة للقائد اضافة الى غرس ثوابت فكرية ارهابية مع غرس القناعة ان لا نجاة له من دون الانتماء الى المجموعة الارهابية وطاعة القائد عن طريق افعال وتدريبات تكون البشاعة أساسها.
وأضاف أن الارهابي عادة ما يعبر عن ولائه التام والنهائي للمجموعة الارهابية بالقيام بفعل شنيع يهم أحد أفراد العائلة او المحيط، وللمحافظة على معنويات المجموعة، تكون الدعاية وتأويل الواقع وتضخيم كل عمل ارهابي مع اعادة بثه وتكراره بصفة دائمة ومستمرة. وبالطبع تقع دورات تدريبية متواترة تركز أساسا على البشاعة.
أما في ما يخص المحور الثاني والمتمثل في بثّ الرعب وتحطيم معنويات من يقاومون الارهاب، حيث ذكر الدكتور عشاش أن العناصر الارهابية تعتمد على بثّ الرعب وجعله من أدوات التحكم في المجموعات التي تقع تحت سيطرتهم. وهدفهم هو جعل الناس يعيشون حالة رعب وهلع وفزع دائمة، يجعل منهم أداة طيّعة لتنفيذ كل أمر.
ويعتمدون في بث دعاياتهم على الاشاعات أولا، ثم على الشبكة العنكبوتية وقنوات التواصل الاجتماعي حتى تنتشر دعاياتهم بين اكثر ما يمكن من الناس. ويستغلون في ذلك حب الاطلاع البشري. وبصفة ثانوية، يعتمدون على حملات التشهير بهم ببث الأفعال الشنيعة التي يقومون بها (مما حدا بالقنوات التلفزية إلى منع بث صور للارهابيين لما ينطوي ذلك على دعاية مبطنة لهم).

إعداد: سناء الماجري